ومن الآباء ماقتل
(سعاد)
وأشرقت الشمس لتعلن قدوم يوم آخر. لا أريد أن يلاحظ الجميع في الجامعة كم
أني منزعجة وقلقة، منزعجة من ليله البارحه وقلقة من المستقبل المجهول.
لسنوات لم تكف أمي عن تذكيري بمدى
أهمية دخولي كلية الهندسة، ولكن لم يكن هذا هو السبب الرئيسي وراء أجتهادي وسهري
الليالي، لم يكن هذا هو السبب الحقيقي بالفعل فالتوتر السائد والثرثرة الدائمة
والضرب المربح الموشوم على جسد امي كان كالسهم في مرمي عيني، أردت أن أهرب، أن
أصرخ، أن أشتكي وألوم، ظللت أضع كل هذا الحمل الثقيل فوق عاتقي، وظل حلم الهندسة
منفذ للهروب من الواقع.
إنه يوم آخر.
رأيته..
كان ينظر إلىّ بعينين تفوح منهما الشوق والحب ويبتسم، تلك
الابتسامة الصامتة التي تحكي الكثير، حدثني البعض من أصدقائي عن الحب الكامن في
قلبه إتجاهي، كنت أعلم كل ذلك، وأكثر، فلغة العيون تسرد العديد من الحكايا وإن لم نعترف.
كان يكتب الحب في عينيه ويمحيها، وكنت بدوري أخبره عن إشعاله الشوق في.
في خضم كل هذا أريد أرتمي بين قلبه وأخبره، أخبره عن خوفي وأرتجافي وكيف لم
أنسى، وهل لي أن أنسى.
وهل الحب أعتذار وهدنة من الحياه،
أم هو أرق من نوع أخر!
سؤال تلو آخر.
ثم تعالت الضحكات بجواري، كانوا يضحكون بصوت أعلى من الطبيعي والمعتاد حتى
أفرغوا مافي جعبتهم، غرقت في أفكاري حتى أبتعدت عن مكاني لعالم آخر ملئ بالتساؤلات
وكثير من عدم الرضا. أنقذني بجملة رجت عالمي وكياني بأكمله.
- أحببتك دون أن أدري، فأمتلكتي
قلبي وعقلي وتفكيري، تتجوزيني؟!
ظلت الضحكات بجواري مستمرة. فقد كنت انظر في عينية بكل حب وشوق ولهفة.
أخفيت شعوري وأحمرت وجنتاي كأنها أعلان صارخ عن موافقتي ولكن لاأعلم كيف
قلت بكل حزم: لا.
كيف ياقلبي أستطعت النطق بها.
سرت إلى المنزل وانا لاأزال تحت وقع تلك الكلمات، فأبتسم تارة، و ألعن
حياتي تارة أخرى.
لم ألقي بالا لنداء أمي، ودموعي، والابتسامة التي تتخللها. أريد أله الزمن
لأعود إلى الوراء، لعينيه وأبتسامتة الساحرة، لأخبره: نعم، ألف نعم، بل ملايين
نعم.
ثم رن جرس المنزل. وفتحت أمي.
فتعالت على وجهها نظرات الدهشه و الذهول.
- مصطفى!
خرجت مسرعة لأفسر الامر لأمي، ولكن
مارايته كان أفضل مما تخيلت، رأيت الاشراق يعلو وجه أمي، لم ألاحظ جمالهاl من قبل،
بل إن الامر كان يبدو كأني أراها للمرة الأولى. ثم قالت:
- مصطفي الشاب الخلوق المهذب المعيد بكليه الهندسة، ثم ساد الصمت لحظات قبل
أن ترمي تلك الكلمات على مسمعي...مصطفى المعيد بجامعتك وأبن خالتك تقدم لطلب يدك.
هممت للرد عليها، ولكن قاطعتني بدورها:
- أستمعي إليه أولًا قبل أن تتخذي أي قرار.
غرقت في الصمت، وغرق هو في عيناي وهو يسرد الحكايات والمواقف. أول يوم في الجامعة،
اليوم الذي أدرك فيه أنني في قلبه وجزء من كيانه... ظل فقط يتكلم وينظر إلىّ بحب،
فدق قلبي وشعرت بحرارة في وجنتاي. أخبرني أيضًا عما حدث بالماضي وحكى لي عن عائلة
امي، ظل يتكلم وانا أردد داخل عقلي: سامحك الله ياابي، سامحك الله.
يكمل..
No comments:
Post a Comment