رد روحي
أعتدلت في جلستها، تنظر إليه بشئ من الحب المبهم، لاتفهم لماذا تحاوطها هالة من الإنجذاب الشديد إليه، الإنجذاب لحديثه، لذكائه، لسلوكه الذي ينم عن شخصية عاشت الحياه بكل منحدراتها.
تحتسي ماتبقى من الشاي الذي أعده منذ دقائق قليلة، هى في العادة تحتسيه بعد أن تتأكد من تلاشي كل بخار متبقي يدل على دفئه وسخونته، لكن ليس اليوم، ليس معه.
غممت بكلمات، صوتها أشبه بالهمس:
-"هل أنتهينا، يبدوا أن الوقت مر ولم أشعر."
لم يسمعها، هل يشعر بها، بخفقات قلبها، برعشة يديها وهي تحتسي الشاي فيقع قطرات منه على فستانها الازرق السماوي الاقرب للون عينيها.
تركت المكان بعد أن أنتهوا من التخطيط لحفلة أفتتاح شركتهم الخاصة،
الشركه..
الحلم الأكبر الذي طل يطاردها لسنوات عديدة ..
حتى جاء هو بمحض الصدفة ولدية ذات الحلم ليسيروا في الطريق، وليُفتح قَلبها له بعد سنوات غلق محكمه.
قبل الذهاب للنوم، وقبل أن تكف عن تلك السلسة المتكررة من الاتيان بأفكار تلوث كرامتها وعزتها، أمسكت بدفتر وكتبت له:
مَّا رَآنِي فِي هَوَاهُ مُتَيَّماً
عَرفَ الحَبِيبُ مَقَامَهُ فَتَدَلَّلاَ
فَلَكَ الدَّلاَلُ وَأنتَ بَدرٌ كَامِلٌ
وَيَحِقُّ لِلمَحبُوبِ أن يَتَدَلَّلاَ
غطت في نوم عميق، بين قلبها المفتوح له وبين دفترها الملئ بحديث من الذكريات، راودها حلم لقاءهما:
كانا يجلسان تحت سقف واحد مصنوع من الخوص الملون على سطح أحد المنازل بأحياء القاهرة، موسيقى عمر خيرت في الخلفية، وكرسيان وطاولة صغيرة في المنتصف، ونظرات متقطعة بين خجل وشوق وأشتياق.
يجلسان معًا كأنها المرة الأولى يمسك يديها ويقبلها ثم يدعوها لترقص معه على نغمات حبهما الاشبه بقيس وليلى.
تنظر إليه في حب وتمسك بذيل فستانها الاسود، وتقف، ليحرك الريح شعرها الاسود المسدول على كتفيها، تضع يديها على كتفه ويميلان معًا على الانغام في أجواء هى أقرب إلى قصة من العصور الوسطى.
تفيق، يقطع هذا الحلم الخيالي نسمات الصباح الباردة، وبعض من الريح الذي يزيل الستار فيكشف عن تفاصيل سريرها ونومتها غير المعتدله وعقلها غير الهادئ.
فتكرر بصوت داخل عقلها:
-"هل ستتلاقى شاطئينا في نهايه الامر، هل ستجمعنا بقعة واحدة، أم ستظل روحي تسافر إلى روحك أميالًا دون جدوى.
No comments:
Post a Comment