Sunday, November 29, 2020

رد روحي


أعتدلت في جلستها، تنظر إليه بشئ من الحب المبهم، لاتفهم لماذا تحاوطها هالة من الإنجذاب الشديد إليه، الإنجذاب لحديثه، لذكائه، لسلوكه الذي ينم عن شخصية عاشت الحياه بكل منحدراتها.
 تحتسي ماتبقى من الشاي الذي أعده منذ دقائق قليلة، هى في العادة تحتسيه بعد أن تتأكد من تلاشي كل بخار متبقي يدل على دفئه وسخونته، لكن ليس اليوم، ليس معه.
غممت بكلمات، صوتها أشبه بالهمس:
-"هل أنتهينا، يبدوا أن الوقت مر ولم أشعر."
لم يسمعها، هل يشعر بها، بخفقات قلبها، برعشة يديها وهي تحتسي الشاي فيقع قطرات منه على فستانها الازرق السماوي الاقرب للون عينيها.
تركت المكان بعد أن أنتهوا من التخطيط لحفلة أفتتاح شركتهم الخاصة،
 الشركه..
 الحلم الأكبر الذي طل يطاردها لسنوات عديدة ..
حتى جاء هو بمحض الصدفة ولدية ذات الحلم ليسيروا في الطريق، وليُفتح قَلبها له بعد سنوات غلق محكمه.
قبل الذهاب للنوم، وقبل أن تكف عن تلك السلسة المتكررة من الاتيان بأفكار تلوث كرامتها وعزتها، أمسكت بدفتر وكتبت له:

-" لست برجل عادي، 
لست مثلهم أبداً، 
هل تعلم كم خريف مر على قلبي،
كم أريد أن أحكي لك،
عزه نفسي تمنعني،
كرامتى مازالت على رأسي،
لن أنحني،
لن أميل ،
قد يكون حبك الوهم الافظع،
نعم الافظع،
فقلبي خفقاته تمتد لك،
نظرات أعينينا تحدثني،
وهل أنت أيضًا؟!،
هل وقعت بحبي؟!،
هل تمنعك ذات الأسباب،
هل هى الكرامه، عزه النفس، أم الغرور!،
أنت تشعر بي،
أليس كذلك ؟!،
أتتذكر لقائنا بعد شراء مقر الشركة،
 كل شئ كأنة البارحه،
أخترت مقهى وجلسنا بجوار النافذه،
قطرات المطر خلقت أجواء الحب كأنها تخبرنا وتأمرنا بالأعتراف،
أتتذكر؟!
 حين تحدثنا عن الشعر،
 ثم قرأت لي أبيات الاندلسي:

مَّا رَآنِي فِي هَوَاهُ مُتَيَّماً

عَرفَ الحَبِيبُ مَقَامَهُ فَتَدَلَّلاَ

فَلَكَ الدَّلاَلُ وَأنتَ بَدرٌ كَامِلٌ

وَيَحِقُّ لِلمَحبُوبِ أن يَتَدَلَّلاَ










هل تتذكر حين رددت عليك ببيت المتنبي:

مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ                                      تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ

ماذا لو أخبرتك  أني أريد أن تضمني، أن تحتوي عثراتي، أن تقبلني من وجنتاي كما لو أني طفلتك الصغيرة،
ماذا لو أخبرتك أني أتنفسك، أني غرقت عميقًا في مقلتاك، ومامن منقذ سواك!"

غطت في نوم عميق، بين قلبها المفتوح له وبين دفترها الملئ بحديث من الذكريات، راودها حلم لقاءهما:
كانا يجلسان تحت سقف واحد مصنوع من الخوص الملون على سطح أحد المنازل بأحياء القاهرة، موسيقى عمر خيرت في الخلفية، وكرسيان وطاولة صغيرة في المنتصف، ونظرات متقطعة بين خجل وشوق وأشتياق.
يجلسان معًا كأنها المرة الأولى يمسك يديها ويقبلها ثم يدعوها لترقص معه على نغمات حبهما الاشبه بقيس وليلى.
تنظر إليه في حب وتمسك بذيل فستانها الاسود، وتقف، ليحرك الريح شعرها الاسود المسدول على كتفيها، تضع يديها على كتفه ويميلان معًا على الانغام في أجواء هى أقرب إلى قصة من العصور الوسطى.
تفيق، يقطع هذا الحلم الخيالي نسمات الصباح الباردة، وبعض من الريح الذي يزيل الستار فيكشف عن تفاصيل سريرها ونومتها غير المعتدله وعقلها غير الهادئ.
فتكرر بصوت داخل عقلها:


-"هل ستتلاقى شاطئينا في نهايه الامر، هل ستجمعنا بقعة واحدة، أم ستظل روحي تسافر إلى روحك أميالًا دون جدوى.




Tuesday, April 14, 2020


ومن الآباء ماقتل

(سعاد)

وأشرقت الشمس لتعلن قدوم يوم آخر. لا أريد أن يلاحظ الجميع في الجامعة كم أني منزعجة وقلقة، منزعجة من ليله البارحه وقلقة من المستقبل المجهول.
 لسنوات لم تكف أمي عن تذكيري بمدى أهمية دخولي كلية الهندسة، ولكن لم يكن هذا هو السبب الرئيسي وراء أجتهادي وسهري الليالي، لم يكن هذا هو السبب الحقيقي بالفعل فالتوتر السائد والثرثرة الدائمة والضرب المربح الموشوم على جسد امي كان كالسهم في مرمي عيني، أردت أن أهرب، أن أصرخ، أن أشتكي وألوم، ظللت أضع كل هذا الحمل الثقيل فوق عاتقي، وظل حلم الهندسة منفذ للهروب من الواقع.
إنه يوم آخر.
 رأيته..
 كان ينظر إلىّ بعينين تفوح منهما الشوق والحب ويبتسم، تلك الابتسامة الصامتة التي تحكي الكثير، حدثني البعض من أصدقائي عن الحب الكامن في قلبه إتجاهي، كنت أعلم كل ذلك، وأكثر، فلغة العيون تسرد العديد من الحكايا وإن لم نعترف. كان يكتب الحب في عينيه ويمحيها، وكنت بدوري أخبره عن إشعاله الشوق في.
في خضم كل هذا أريد أرتمي بين قلبه وأخبره، أخبره عن خوفي وأرتجافي وكيف لم أنسى، وهل لي أن أنسى.
 وهل الحب أعتذار وهدنة من الحياه، أم هو أرق من نوع أخر!
سؤال تلو آخر.
ثم تعالت الضحكات بجواري، كانوا يضحكون بصوت أعلى من الطبيعي والمعتاد حتى أفرغوا مافي جعبتهم، غرقت في أفكاري حتى أبتعدت عن مكاني لعالم آخر ملئ بالتساؤلات وكثير من عدم الرضا. أنقذني بجملة رجت عالمي وكياني بأكمله.
 - أحببتك دون أن أدري، فأمتلكتي قلبي وعقلي وتفكيري، تتجوزيني؟!
ظلت الضحكات بجواري مستمرة. فقد كنت انظر في عينية بكل حب وشوق ولهفة.
أخفيت شعوري وأحمرت وجنتاي كأنها أعلان صارخ عن موافقتي ولكن لاأعلم كيف قلت بكل حزم: لا.
كيف ياقلبي أستطعت النطق بها.
سرت إلى المنزل وانا لاأزال تحت وقع تلك الكلمات، فأبتسم تارة، و ألعن حياتي تارة أخرى.
لم ألقي بالا لنداء أمي، ودموعي، والابتسامة التي تتخللها. أريد أله الزمن لأعود إلى الوراء، لعينيه وأبتسامتة الساحرة، لأخبره: نعم، ألف نعم، بل ملايين نعم.
 ثم رن جرس المنزل. وفتحت أمي. فتعالت على وجهها نظرات الدهشه و الذهول.
- مصطفى!
 خرجت مسرعة لأفسر الامر لأمي، ولكن مارايته كان أفضل مما تخيلت، رأيت الاشراق يعلو وجه أمي، لم ألاحظ جمالهاl من قبل، بل إن الامر كان يبدو كأني أراها للمرة الأولى. ثم قالت:
- مصطفي الشاب الخلوق المهذب المعيد بكليه الهندسة، ثم ساد الصمت لحظات قبل أن ترمي تلك الكلمات على مسمعي...مصطفى المعيد بجامعتك وأبن خالتك تقدم لطلب يدك.
هممت للرد عليها، ولكن قاطعتني بدورها:
- أستمعي إليه أولًا قبل أن تتخذي أي قرار.
غرقت في الصمت، وغرق هو في عيناي وهو يسرد الحكايات والمواقف. أول يوم في الجامعة، اليوم الذي أدرك فيه أنني في قلبه وجزء من كيانه... ظل فقط يتكلم وينظر إلىّ بحب، فدق قلبي وشعرت بحرارة في وجنتاي. أخبرني أيضًا عما حدث بالماضي وحكى لي عن عائلة امي، ظل يتكلم وانا أردد داخل عقلي: سامحك الله ياابي، سامحك الله. 
يكمل..





Monday, April 6, 2020

ومن الآباء ماقتل (وفاء)

شيئًا ما يؤرقني، يسلب مني ماتبقى من العمر، العمر الضائع في تربية أبنائي سعاد ومنال وهدى، كل مايجول في خاطري كيف مرت الايام وكبرت، كبرت! كبرت حتى ترهل وجهي القمر الساطع (كما كانت تصفة أمي)، سنوات مضت بين محاوله ودفاع وبكاء وألم، حذرني الجميع وعاتبوني ولاموني، ولكني لم أستسلم ظللت أردد أني أحبه. عندما يغمر قلبك ذلك الشعور القوي  فإنك حقًا لاتنتبه، إن كان شعورًا يحمل مستقبل مشرق أم أنه شعورًا يؤول بي للتدمير وإزهاق روحي دون رحمه. الحب! إنه يخترق قلبك ثم يتكون 
!بداخلك كالجنين فتظن أن السعادة قد فتحت لك جميع الابواب على مصرعيها، كبحر نغرق فيه دون عوده
 قد مرت السنوات ومر عمري ولاأنسى ماقاتله أمي منى الهلباوي : " مرآه الحب عمياء" رددتها على مسمعي العديد والعديد من المرات .. عندما يدق القلب تفقد البصر والبصيرة، انها عادة الحياة
.قطعت منال حبل أفكاري بصوتها الناعس لتنبهني أني قضيت الليل هنا  أمام الشرفه
...ساعات مضت وها قد أتى صباح آخر
ذهبت إلى عملي كالمعتاد، لكنه الشئ الوحيد حقًا الذي ينسيني ويحمل عني أثقالي وآلالامي، هرول الجميع بإتجاهي ليقدموا التهاني والمباركات، فقد وضعت سعاد أبنتي الكبيره طفلها الاول.. لاأنكر قلقي وخوفي عليها فهى مازالت طالبة بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة ، لملمت خوفي وتشتت أفكاري وأنا أرد التهاني بأبتسامة قلقة يملؤها الرعب والخنوع للواقع، ماذا أن كانت الأيام تحمل في جعبتها لأبنتي العزيزة نفس أقداري أن تشرق الشمس في أتجاه معاكس
 !أتريدين قهوة؟ .. قالتها زميلتي الجالسة بجواري وأنا أحترق بلهيب ذكرياتي - 
أمسكت فنجان القهوة السادة، السادة كحياتي لاسكر يحليها ولاشئ يغير لونها هي فقط ستظل هكذا فموافقتي على هشام زوجي كانت موافقة قلبية فلم أستشير عقلي ولم ينبهني هو بدورة عن طيش هشام وتهوره، لم يكن حتى أنسان سوي بالمره، وقد حذرني الجميع .. مازلت أتذكر، لم أنسى وأحن كثيرًا لتلك الأيام حين كان كل شئ يبشر بمستقبل واعد في عملي وحياتي مع من أحببت 
.سامحني ياالله فشعوري متضارب وسخطي يزيد والرهبة بداخلي تكبر والتعاسة أصبحت رفيقتي 
!فهل سيحمل أبنائي عبء قراري
 

رد روحي أعتدلت في جلستها، تنظر إليه بشئ من الحب المبهم، لاتفهم لماذا تحاوطها هالة من الإنجذاب الشديد إليه، الإنجذاب لحديثه، لذكائه، لسلوكه ا...